جلال المنصب / الأمن الشخصي
جلال المنصب / الأمن الشخصي
______
● مع بداية التجمعات البشرية جاءت ضرورة وجود مسؤول، وبالتالي وُجدت الصلاحيات لتتيح للمسؤول ممارسة مهامه، فتكون هرما من المسؤولين لهم صلاحيات تدريجية تقدر وتحدد طبقاً لدورهم في مقابل قيود على الآخرين.
● أفرز كل نظام سمات القيادة التي تناسبه، ليكتب الاستمرار لبريق السلطة وسطوتها.
● هناك قادة في مختلف المواقع لا يستسلمون لبريق السلطة، لكن نكتشف بسهولة أمثلة هنا وهناك على التسلط فنجد من يبتكرون الوسائل الجهنمية لممارسة السلطة، حتى ممن لا يُحتَمل سلطة لهم يخترعون لأنفسهم سلطة وقد تكشف النظم المتسلط المتعنت وقد تحميه حسب فاعليتها.
● قصة «موت موظف» لتشيخوف من روائع الأدب الإنساني ومن أعمق الأمثلة التي كشفت مأساة السلطة، القصة عن موظف بسيط جالس في المسرح يشاهد العرض وفجأة يعطس في قفا أحد الجنرالات، اعتذر الموظف له وانتهى الموقف، لكن بعدما انصرف الموظف ظل قلقاً طوال الوقت متخيلاً أن الجنرال قد تضايق أو ساءه ما حدث ورغم أنه لما حكى لزوجته هونت عليه، وقالت له إن الجنرال لا يعرفه أصلاً ولن يتذكره، لكن الرعب والخوف تمكنا من الموظف المسكين، فالجنرال صاحب سلطة ونفوذ، مما دفعه للذهاب ليعتذر، لكن الموضوع بالنسبة للجنرال كان لا يتعدى تفصيلة عابرة لكن يظل الموظف يطارده سائلاً الغفران ومبدياً الندم «يا صاحب السعادة إذا كنت أتجاسر على إزعاج سعادتكم فإنما من واقع الإحساس بالندم» حتى يزأر الجنرال في وجهه غاضباً ليعود الموظف إلي بيته ويموت كمداً.
● لاحظ معي، الجنرال ليس له دور ولم تظهر سلطته.. ولا ممارسة شريرة من الجنرال في الحدث إنما هو فقط رجل عسكري ويشغل منصباً كبيراً. فالحكاية كلها من ناحية الموظف المُنسحق أمام أقدام القهر الضخمة. فما بالك لو أظهر سلطته أو حتى لوح بها؟! · عُمق مأساة المجتمعات وفشل النظم والعلاقات حينما تقوم على قهر قلوب البسطاء إلى الحد الذي يجعلهم موسوسين ومغالين في إظهار الولاء، ومنشغلين بتفسير دائم لأي موقف يجمعهم مع صاحب نفوذ، خوفاً من تهديد أمنهم الشخصي المتواضع. · كان لنا منذ زمن بعيد جار ذو منصب كبير، علمت بإصابته في الرأس إصابة أقعدته بقية عمره، ولما سألت عن سبب ذلك علمت أنه أهان موظفا صغيرا تحت إدارته فضربه في رأسه بحجر!
● من المؤذي لأفراد الأسرة أن يكون أحد أفرادها يتسمون بحب التسلّط خاصة (الأب أو الزوج أو الأخ الأكبر) لأن التقاليد والعادات أعطتهم هذه الصلاحيات. اذا وجدت ممارسة معيبة للسلطة فستظهر جراح وأمراض اجتماعية شديدة الخطورة والتأثير، لذا حثت الشرائع والأديان والقوانين والنظم على الالتزام بحسن المعاملة والحسنى والمرونة لمجابهة هذه النوازع المؤذية من البشر للبشر، لكنها تظل ملاصقة للاجتماع البشري وتختلف حسب درجة ملاءمة النظم وجدية وثقافة الأفراد.
صالح الغازي
المقال بالكامل على الرابط
تعليقات
إرسال تعليق