كتب صالح الغازي :اختراق شبكة الجريمة المنظمة

-------------------------------

مع بداية يوليو 2020، كان الجو العام العالمي مهيأ لانفراج أزمة كورونا، وهناك دول بدأت فعلا تسير في اتجاه عودة الحياة لطبيعتها، وقتها تناقلت وكالات الأنباء العالمية خبرا أراه شديد الأهمية، وهو عن اقتحام «اليوروبول» - الشرطة الأوروبية - شبكة اتصالات عالمية مشفرة، قيل انها تدار من فرنسا وهولندا، وقبض على 800 شخص من جميع أنحاء أوروبا يديرون هذه الشبكة ويقودونها! ثم أعلن في السياق نفسه أن الشرطة البريطانية قامت بأكبر عملياتها على الإطلاق، حيث قبضت على مجرمين «عتاة»، وأحبطت آلاف المؤامرات. وفي بيان مشترك لـ«يوروبول» و«اليوروجاست» - الهيئة الأوروبية المسؤولة عن تنسيق المتابعات القضائية والأحكام - أن الاختراق الإلكتروني أتاح عرقلة غسل أموال وتنفيذ مهام إجرامية، وذكر منها الاغتيالات وعمليات تهريب المخدرات على نطاق واسع، عبر 50 ألفاً من هواتف الشبكة المتداولة حول العالم كله! وأعلن أن ادارة الشبكة المذكورة، وهي شبكة لها اسم محدد، أرسلت رسالة نصية لعملائها يوم انكشافها «اليوم صادرت كيانات حكومية نطاقنا الإلكتروني، ننصحكم بإطفاء أجهزتكم والتخلّص منها فوراً». تابعت هذا الموضوع لعدة أيام وأزعجني كثيرا، وتوقعت أن الأمر سيأخذ اهتماماً عالمياً واسعاً، ليس فقط لاستغلال الاتصالات الحديثة في ادارة الجريمة المنظمة، وإنما الأمر فيه خطر شديد على السلم والأمان، وكان رد فعلي وقتها أن كتبت مقالي، الذي نشرته القبس في 11 يوليو 2020 بعنوان «10 نقاط في السياسة الثقافية»، كمبادرة ثقافية لتمكين المثقف أو الهيئات الثقافية من مساعدة الحكومات التي حشدت كل قوتها لتنفيذ السياسة الصحية الطارئة، وحسب توقعات الاقتصاديين أن بعد كورونا تسير الأمور في اتجاه أكثر قسوة ماديا، ومبادرتي ذكرت نقاطاً واضحة لمواجهة أخطار اهتزاز المكانة الوطنية ومواجهة من يتربص للنفاذ من أي ثغرة لشق الصف بعمل الفرقة أو استغلال الظرف لتمرير مصالح ضيقة. واليوم بعد شهرين من القبض على الشبكة لم أجد تناولا أو تحليلا صحافيا أو إعلاميا على قدر حجم الحدث وأهميته! بالتأكيد التحقيقات جارية مع العصابة الدولية المنظمة، وستنكشف يوما ما المهمات والجرائم التي ارتكبتها؟ وفي أي البلدان نشطت؟ ومن الرؤوس فيها؟ فهناك أكثر من 50 ألف شخص في هذه الشبكة، أي بمنزلة جيش ينتشر في العالم! علامات استفهام كثيرة وكبيرة لعلها تفك شفرة هذه المحن الكابوسية! الموضوع واقعي جدا ولا يمت للخيال بصلة، ويمكن البحث عنه بمنتهى السهولة عبر الانترنت. موضوع هذه الشبكة جدير بالتوقف عنده والاشارة له، وأيضا مبادرة الـ«10 نقاط في السياسة الثقافية» جديرة بالتوقف عندها بجدية.

مقال صحيفة القبس


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل صالح الغازي Saleh Elghazy

غربلة| صالح الغازي يكتب: اقرأ يا شيخ قفاعة

مقال فى رواية ( بار أم الخير) للروائي محمد داود

بروفايل صالح الغازي

بروفايل صالح الغازي

أم الطرمان تعرف لغة عيالها

فريد ابو سعدة "مصوراتي لا يكف عن الكلام"

أنتمي لإبداعي ..شهادة الشاعر صالح الغازي في الكتابة والشعر

ريم المحمودي في لقاء عن أحدث ابداعاتها (بعض مني)

الفنانة المصرية دنيا مسعود