مكالمة تمر ولا تضر مقال: صالح الغازي في القبس
يمشي في الطريق كالزجزاج، وأحياناً يسرع بلا سبب، أو يبطئ كثيراً.. وعلى من يقود سيارة بالقرب منه أن يتحمل هذا العبث، سواء بملاحظته من المرآة أو بتفادي حركة سيارته! إنه ببساطة يقود السيارة ويتكلم في التلفون المحمول! حوادث كثيرة يتسبب فيها ذلك الفعل، والضرر يحدث، سواء لمن يتحدث في التلفون نفسه أو لمن حوله! إذا جاءك اتصال وأنت تقود السيارة، فما المانع ألا ترد، وسيكون لك العذر بالتأكيد، وعلى المتصل أن يتفهم ذلك، فالوقت غير مناسب، واستعمال المحمول أثناء القيادة مخالف ومجرم في كل أنظمة المرور. لكن كثيراً ما ألاحظ سيدة غاضبة، تصرخ وهي تقود السيارة، أراها في المرأة فأوسع لها الطريق، أو أتجنبها! هل فعلاً هناك شيء يجعلها ترد على مكالمة أو تمسك بالجوال وهي تقود السيارة؟ غالباً ليس هناك أي شيء ضروري في هذه المكالمات القاتلة سوى أنها سبب في القتل. اتصلت بي مرة صديقة تلفونياً وطلبت مني بعض المعلومات، وبينما أفيدها بما طلبت، فاجأتني بأنها لن تستطيع تدوين ما أقول فالأمر صعب عليها لأنها تحدثني وهي تقود السيارة، وكانت تتحدث بعصبية غريبة، فقلت لها الموضوع كله لا يحتمل أن تتحدثي أصلاً وأنت تقودين السيارة عزيزتي! يمكنك الاتصال في وقت مناسب لك! وألاحظ أن من يتحدث في المحمول أثناء القيادة لا يكمل فكرة بشكل صحيح ويبدو مشتت الذهن، ولا أتفهم لمَ يرغم الطرف الثاني على أن يتحمل عصبيته؟! بنفس القدر يدهشني لجوء البعض للسرعة في القيادة رغم أنهم في الحقيقة ليس وراءهم أي شيء ولا حدث مهم ولا اجتماع مهم وليس عندهم أي سبب طارئ لفعل ذلك! يتعرض ويعرض الآخرين من قائدي السيارات، حتى المجاورين لقائد السيارة قد يتعرضون إلى أذى، سواء عائلة أو راكباً، وقد يلحق الضرر بذوي هذا الشخص من أسرته الذين ينتظرون عودته! حتى أواخر التسعينيات من القرن الماضي كنا نتحدث في التلفون ونحن في المنزل فقط أو في العمل، كان الهاتف الثابت فقط، لكن منذ أن ظهر التلفون الجوال فقدنا الخصوصية، وأصبح أي واحد منا هدفاً سهلاً، ما ان تفكر فيه تتصل به! قيادة السيارة قد تكون فرصة ملهمة للبعض، فتطرأ فكرة على البال تلح على البعض للتنفيذ فيتصل! أو فرصة للمسامرة! أو.. على كل حال من الخطأ التعامل مع وقت قيادة السيارة أنه وقت فراغ، لأنه يستلزم التركيز والانتباه، وإذا جاءتك مكالمة وأنت تقود السيارة، فدعها تمر كي لا تضر. تمنياتي لكم بالسلامة.
نشر المقال في القبس عدد الجمعة والسبت 11و12 سيتمبر 2020
#القبس مقال #صالح_الغازي
#من_شباك_الباص
تعليقات
إرسال تعليق