حشرت أنفك في الخيمة! مقال صالح الغازي

كثيراً ما نجد شاباً يدخّن مقلداً الكبار أو مقلداً أحد النجوم، أو يلجأ إليه كلما يعصّب حتى يصير التدخين عادة لا يمكن الاستغناء عنها، وتكون النتيجة الإصابة بأمراض خبيثة!

وقد يسعى أحدهم إلى استغلال زميله لمساعدته في أداء مهمة، وحين يوافق على المساعدة مرة لا يستطع منعه من تكرار الطلب، ثم يحمّله عواقب أي خطأ ينتج.
قد يقترض أحدهم منك نقوداً، يطلب مئة فتعطيه، ثم يعود ويطلب خمسمئة، ثم يعود ويطلب ألفاً!
قد تصادف هذه السيدة التي تتسلى مع صاحبتها وتقضي وقتاً في الثرثرة، وتنفذ بالنصح اللطيف الذي يعطي نتيجة جيدة في البداية، وبعد أن تعرف تفاصيل حياتها، تبدأ في التدخل في علاقتها بزوجها وأولادها، حتى تكبر مساحة تدخلها لتصير سبباً في مشكلة عائلية مستعصية!
دراما الحياة مليئة بهذه السلوكيات، ولابد من اسم نطلقه عليها لنتمكن من الانتباه لها ومقاومتها، وعرفت هذه النوعية باسم «أنف الجمل» استناداً إلى المأثور «أن هناك تخوفاً من الجمل أن يدس أنفَه في الخيمة، لأنه غالباً سيطل برأسه كله، ثم يدخل رقبتَه، وبعدها تجده بكامل جسمه في الخيمة»!
ويحضرني المثل المصري الرادع لإحراج هذه الشخصيات «حاشر مناخيرك في اللي مالكش فيه»، بمجرد الموافقة على فعل صغير يبدو أنه غير ضار سيفتح الباب لتبعات أكثر غير مرغوب فيها.
هذا الأسلوب تم استخدامه في السياسة والإدارة، وفي مواجهات الدول والشركات كآلية للسيطرة.
تجده يدس أنفه رويداً رويداً حتى يدخل في حياتك أو يقحمك في موضوع معين، قد يكون ذلك للسيطرة كما أسلفت، أو لاستغلالك واستغلال مهاراتك، أو لحاجتهم إلى التقدير الاجتماعي والانتماء، أو يحاولون فرض حاجتهم على الآخرين. أو لا يستطيعون التمييز بين الأشياء التي ينتمون إليها والأشياء التي ينتمي إليها الآخرون، أو أنها حاجاتهم إلى الشعور بالتفوق..
ومن الغريب أن هناك أشخاصاً مهاراتهم تناسب هذا السلوك، فيتم توظيفهم في دس أنوفهم لتخليص معاملات والوصول للمطلوب بسرعة!
بينما انتظر الإشارة تفتح، خرجت سيارة من الشارع الجانبي وطلت بمقدمتها ظهرت كأنها أنف الجمل، لم تطل على استحياء كالمعتاد، لكن اندفعت ببطء من دون النظر لمن هم في الطابور، رأيتها في لحظة أمامي واستغربت عدم نظر قائدها بقصد، وعدم الاعتداد بأي سيارة من المنتظرين في الصف، وسارت مع الطريق، ثم بدأت بتجاوز السيارات والاتجاه يساراً، ثم فجأة تعطل الشارع لفترة طويلة، نزلت لتفقد ما حدث وجدت هذه السيارة اصطدمت بسيارتين وسدت الطريق!
مقال صالح الغازي
صحيفة القبس
الأحد 8 أغسطس 2021

رابط المقال


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل صالح الغازي Saleh Elghazy

غربلة| صالح الغازي يكتب: اقرأ يا شيخ قفاعة

مقال فى رواية ( بار أم الخير) للروائي محمد داود

بروفايل صالح الغازي

بروفايل صالح الغازي

أم الطرمان تعرف لغة عيالها

فريد ابو سعدة "مصوراتي لا يكف عن الكلام"

أنتمي لإبداعي ..شهادة الشاعر صالح الغازي في الكتابة والشعر

ريم المحمودي في لقاء عن أحدث ابداعاتها (بعض مني)

الفنانة المصرية دنيا مسعود