اسكت يا صوت الجرس

هل سمعت أحدهم يتحدث في التليفون بصوت رنان ويجلجل دون الاعتبار لمن حوله؟ رغم أن هناك اتصالات تجده يتحدث بصوت خفيض رقيق ودود وحنون! ورغم أنه يتحدث مع بعض الناس كأنه قطة! نعم قد يعلو صوت أحدهم ليقول أنا هنا أعمل، يتحدث بصوت عالٍ مع الآخرين ليثبت أهميته! تخيل أنه على مسمع منك أحدهم يحادث الآخر باستمرار.. وكأن كل مهماتهما في العمل أن يتحدثا معا؟ وكل الثرثرة تدور عن أحوال البيت في آخر الأخبار، طوال الوقت يتحدثان بصوت عالٍ! نعم الصوت معيار الوجود الوحيد لبعض الناس، وقد يكون هو المجهود الأبرز في حياتهم! غالبا يعتبر صاحب الصوت المرتفع أنه يمتلك أداة أو سلاحا أومقياسا للقوة، وغالبا ما يكون العكس، ويتسبب ذلك في بغضه وكراهيته. إنما هل صاحب الصوت العالي هو قليل المعرفة وغير مهني ويحاول تعويض النقص في المعرفة أو النقص في المكانة بالصوت؟ ولأن أداته الصوت فيصعب نصحه بالصوت أو ردعه، لأنه غالبا ستكون له الغلبة، فهو مدرب وهذا ملعبه! هل تعرف سبب علو صوت الطبلة؟ لأنها فارغة وخاوية! علو الصوت صفة سيئة ويجب التخلص منها، وقد ورد في وصايا لقمان الحكيم ما سجَّله القرآن الكريم في قوله تعالى: «وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ» (لقمان: 19). وأتوقف عند التسمية المناسبة لهذا النمط من الناس واقترح «صوت الجرس»، حيث نغمة الصوت الرنانة المزعجة المنبهة! وقد تجد طريقة صوت الجرس في التحدث عند بعض المدرسات والمدرسين أثناء الحديث والشرح، وقد يستعملها بعض الأمهات أو المديرين والقادة عند تلقين تعليمات، لكن التحدث بها في غير محلها قد يكون نوعا من التنمر أو قصد التغلب والتسيد والسيطرة بالصوت. ولا يفوتني أن أذكر أحيانا أن الصوت العالي له دلالات أخرى، فالمظلوم لمّا يقع عليه الظلم ويشعر بالأذى يرفع صوته ألماً، بينما يلتزم الظالم الصوت المنخفض. وهناك من يتسم أن صوته جهوري، ومن الضروري توظيفه في المكان المناسب، كذلك عليه مراعاة الآخرين، وهناك أسر معتاده على التحدث بصوت عال وتجب مراعاة أن ذلك يؤثر في اندماجهم في الحياة العامة. كما أن المتحدث بصوت مرتفع قد يكون بسبب أنه يعاني من ضعف السمع، حيث يحتاج إلى رفع صوته، لاعتقاده أن الشخص الذي أمامه لا يسمعه. وعامة، علو الصوت سمة الأشخاص الذين يغضبون بسرعة، وهناك طبعا ضمن قدرات التعامل مع الآخرين الضغط على حروف أو مقاطع بالتسكين أو التشديد، وهو من أساس التواصل اللغوي، كذلك ارتفاع الصوت وخفضه في الحديث أو في قراءة نص له دلالات، ولنلاحظ خطابات القادة من أصحاب الكاريزما، نجد تشديد جمل أو علو الصوت في جمل أو حتى استعمال قوة الصوت في جمل، كلها لها دلالات. إنما حين نستمع للصوت العالي، وأخص بالذكر صوت الجرس في حياتنا اليومية، سواء العمل أو المقهى أو النادي أوالمول، نتأذى، لذلك أرجوك اسكت. صالح الغازي (المقال كامل على الرابط)

في القبس
يوم ١٥ سبتمبر ٢٠٢١



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

غربلة| صالح الغازي يكتب: اقرأ يا شيخ قفاعة

بروفايل صالح الغازي Saleh Elghazy

أم الطرمان تعرف لغة عيالها

مقال فى رواية ( بار أم الخير) للروائي محمد داود

بروفايل صالح الغازي

بروفايل صالح الغازي

فريد ابو سعدة "مصوراتي لا يكف عن الكلام"

أنتمي لإبداعي ..شهادة الشاعر صالح الغازي في الكتابة والشعر

ريم المحمودي في لقاء عن أحدث ابداعاتها (بعض مني)

عن رواية الباص