بالع راديو: نشرة الأخبار
لنختار اسماً بسيطاً نطلقه على الأنماط المجهدة التي تقابلنا كي نستدعي كل معارفنا عنها لحظة التعامل معها.
(بالع الراديو نشرة الأخبار) قد تجده صغيراً أو كبيراً، قد يكون ذكراً أو أنثى، تصادفه عابراً في المقهى أو على وسائل التواصل أو في وسائل المواصلات أو تجده مقيماً معك أو زميلك في العمل! لو في العمل عليك أن تبلغ فوراً الموارد البشرية.
هو ليس ثرثاراً عادياً فالثرثار أمره واضح، فيمكن التحدث معه بود ورفق والتعبير عن مدى إيجابية المحادثة، وإظهار وجهة نظرك له ودعوته للتحدث في مواضيع جديدة وسيستجيب بسرعة لأنه يعلم ويحاول تجاوز الأمر.
لكن (البالع الراديو نشرة الأخبار) يهتم أن يثبت للآخر أن عنده وجهة نظر وأنه يفكر ويفهم في كل مجال خاصة السياسة وهو مثقف. بينما هو توقف عند مرحلة التقليد أي ينقل الأفكار كما هي بركاكة مثل طفل يتعلم الكلام. انه منظم واجتهاده في المعرفة خادع يقضي جزءًا من وقته يرتب كيف يبدأ الكلام يقول مثلا بينما أقرأ الكتاب الفلاني فكرت في كذا.. او بينما أشاهد المسلسل الفلاني أثار مشهد ما كذا.. أو يأتي بحدث متداول مباشرة ويقول لقد شغلني طول الليل وفكرت فيه، هكذا يوحي لك أنك أمام المفكر المحلل الجهبذ، أغلب الوقت يقضيه في المساء يؤجر رأسه لمذيع التوك شو أو برنامج التحليل الاخباري، وفي اليوم التالي يتسلم آذان من حوله ولا يمكن إسكات لسانه، يقول: رأيي أن الرئيس فلان فعل كذا.. ويبدأ في تسميع التحليل، كأنه شهد لقاء الملك فلان مع الرئيس علان أو كأنه يعرف حقيقة التصريح وما وراءه وملابساته، وينعت هذا بالعمالة وذاك بالخيانة! لا يسمع ولا يقبل المناقشة، صوته مرتفع، كثير المقاطعة، يحاول السيطرة على الجلسة، يملأ الدنيا بالكلام،! وكأنه يلخص كل حياته في نقل الكلام!
نصيحتي لو صادفك في العمل عليك أن تبلغ فورا الموارد البشرية، أتوقع يمكن أن يوظف في عمل ما يمتص قدراته أو يبعدوه عن الموظفين الودعاء.
هذا النمط ليس مجرد ثرثار كثير الكلام لكن مشكلته في الوعي، لذا على الأقل يجب وضع الحدود حتى لا يتسبب في تضييع الوقت واجهادك وازعاجك.
الوعي والثقافة والإبداع لا تشترط السن، فقد تجده فتى صغيراً ويملك ذلك وقد تجده كبيراً ويملك القليل أو لا يملك.. والوعي والثقافة والابداع غالبا موهبة وملكة وتصقل بالخبرة الحياتية والتجربة.
يقال عنه في العامية المصرية (فتَّاي او بالع راديو) وفي السودانية (نقناق) وفي ليبيا (زامط راديو) وفي المغرب: صارط كاسيطا، في الجزائر يقال: بالع كاسيطا....
مقال صالح الغازي
في صحيفة القبس
27 يونيو 2021
#ثرثار
#بالع_كاسيط
#نشرة_الأخبار
تعليقات
إرسال تعليق