تمسكن لين تتمكن



يمثل انه خدوم ولطيف ومثال للخضوع والطاعة والوداعة، يحشد مهاراته ليقول الجميع عنه انه خدوم مجتهد لطيف مفيد، يجيد إظهار المحبة والمودة، يعمل كل شيء بتمثيل انه راض تماما، بينما يقوم بالمكائد وفرض صورة ذهنية سيئة عن المنافسين له كي ينفرد بتحقيق مراده، ثم يتبدل حين تحقيق غرضه، ليظهر على حقيقته.
هذا النمط يحتاج إلى اسم، نطلقه عليه كي نستدعي كل معارفنا عنه لحظة التعامل معه.
فيجب التحفظ مع مثل هذا النمط الذي يحترف سياسة مدبرة مخادعة، والتفريق بين الوداعة الحقيقية والمصطنعة وبين الذي يؤدي دوره بجهد وحب وعن اقتناع.
أنتجت القريحة الشعبية العربية المثل الشعبي الذي برع في تحديد هذا النمط الشائع بكلمات قليلة محددة، ففي منطقة الخليج يقال (اتمسكن لين تتمكن) ولين حسب النطق الشفاهي تخفيف (إلى أن) وفي الشام (تمسكن تا تتمكن) و(تا) النطق شفاهي المخفف لـ (حتى) وفي مصر (اتمسكن لحد ما تتمكن)، ونجد المثل الشعبي المصري لم يختصر ولم يخفف المسافة بين المسكنة والتمكن فاستعمل تعبير (لحد ما) وقد يكون السبب هنا في بيان طول المدة التي يحتاجها الشخص حتى يتمكن من مراده لبيان مقدار الخديعة وعمق التأثير، بينما التعبير الشامي والخليجي ركزا على الدال المباشر للمثل.
والملاحظ على المثل أنه بصيغة المواجهة والخطاب المباشر وليس التعليق على الحدث أو الحكمة، وكأن الخبرة الشعبية تدفعنا لمواجهة هذا النمط البشع المدمر المخادع.
انه في كل العلاقات الاجتماعية، وفي بيئة العمل وفي محيط الزملاء وفي محيط المعارف، وحين يتواجد يكون هدفه التمكن من دور أو وظيفة أو إثبات فكرة أو نفيها أو السيطرة على شيء أو حتى التخفف من مسؤولية ما، وهو موجود عند الرجال والسيدات وفي كل المستويات المادية.
غالبا نكشفه بعدما ينجز عمله وتصطدم بتأثيره وعلينا وقتها أن ننادي أنه (تمسكن لين تمكن) يجب توصيفه وتعميم وصفه للتحذير.
وأيضا يجب الأخذ بكل الإشارات التي تظهر منه والانتباه لها، بمواجهته أو فضحة أو حتى الحذر منه.
وهناك أمثلة كثيرة يمكن رصدها في العلاقات الاجتماعية، لاسيما بين الرجل والمرأة، وكذلك المثل الشهير عن الموظف الذي يخدم الجميع! بينما يعمل على منع زملائه من الوصول لدائرة الثقة بالمكائد وعمل اشاعات وفرض صورة ذهنية غير حقيقية للتقليل منهم! حتى يقتنص الوظيفة.
___
4 يوليو 2021
على الرابط
مقال صالح الغازي
في صحيفة القبس





https://alqabas.com/article/5855257  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

غربلة| صالح الغازي يكتب: اقرأ يا شيخ قفاعة

بروفايل صالح الغازي Saleh Elghazy

أم الطرمان تعرف لغة عيالها

مقال فى رواية ( بار أم الخير) للروائي محمد داود

بروفايل صالح الغازي

بروفايل صالح الغازي

فريد ابو سعدة "مصوراتي لا يكف عن الكلام"

أنتمي لإبداعي ..شهادة الشاعر صالح الغازي في الكتابة والشعر

ريم المحمودي في لقاء عن أحدث ابداعاتها (بعض مني)

عن رواية الباص