مقال صالح الغازي في القبس: الرحالة الرقميون Digital Nomads
تنامت ظاهرة Digital Nomads.. أشخاص أعمالهم عن بعد فقط دون شرط التواجد المكاني، احترفوا اختصاصات الكترونية مختلفة مثل البيع والشراء والاستشارات والأبحاث، وتنظيم الدورات التدريبية وإدارة مدونات ومواقع، وادارة المحافظ الاستثمارية وتعاملات البورصات، وحتى صيانة المواقع، وبالتأكيد التسويق لمنتج أو لشخص أو لفكرة أو لدولة أو لكيان ما أيا كان!
هم مهنيون محترفون يتحركون هنا وهناك، ويكثرون خاصة مع وله الناس بمواقع التواصل الاجتماعي.
من الصعب الجزم بأنهم لا يحبون العمل الروتيني ولا النظام الممل ولا الحضور اليومي للعمل. لأنهم بالتأكيد منظمون ويجتمعون مع رؤسائهم والمهتمين والعملاء على مدار الساعة؛ بالتأكيد لديهم قواعد في أعمالهم يحترمونها، وروتين ونظام يلتزمون بهما.
يبحثون عن الفرص باستمرار، يحبون السفر؛ يتنقلون كثيرا، نمط حياتهم مختلف وجذاب للبعض لكنه مرتبط بقدراتهم على التقاط الفرص والعمل في ضغوط.
وجدنا منهم الطهاة، ومنهم مطورو البرامج ومنهم الاستشاريون، ومنهم من يعمل في شركة واحدة ومن يعمل لعدة شركات، ومنهم من يتم استئجاره للترويج لشيء ما، أكثر ما يشغلهم هو شحن بطارية اللاب توب، وجودة خط الانترنت. سر بقائهم واستمرارهم هو القدرة على الإبداع ومواكبة تطور الطلب والعلم وتحديث القوانين.
هذه طبيعة عمل فئة ليست قليلة حول العالم، طبيعة عمل لا تعتمد على كسب الرزق التقليدي المكتبي، إنما على مهارات وأفق آخر من آفاق الجهد الإنساني.
كيف تفكر في شكل الرحالة الرقمي؟
أنا شخصيا أراه - قد يكون رجلا أو امرأة - رفيعا جدا نتيجة التجوال الكثير، وغير متزوج بسبب طبيعة ترحاله ويحب الوجبات السريعة ويرتدي نظارة نتيجة مرافقة الحاسب الآلي كثيرا، على ظهره حقيبة اللاب توب والشاحن ويرتدي «شورت»، يهوى نزول البحر للغوص أو الطير في الجو للقفز من مظلة وفي عز المتعة يفكر في عمله وكيف يطوره!
يتجمعون بالتأكيد في بلدان قوانينها لا تعوقهم لا علاقة لهم بوطن أو انتماء أرضي إنما هويتهم مهنتهم. ولهم فيما أظن دخول مرتفعة للغاية.
وهناك مواقع الكترونية تشبه النوادي المهنية تجمعهم للتعرف على بعضهم والتحدث مع أشخاص مماثلين لهم، وقد تكون فرصتهم لتبادل المعلومات أو السمسرة أو الاتفاق مع العملاء لأداء مهمة.
لكن كيف نبدو من وجهة نظرهم؟
أتوقع أننا محض أهداف لهم، يدرسون أمزجتنا وميولنا ويستغلونها في أعمالهم، اننا سلعهم، فاكهتهم وخضرواتهم ووجباتهم السريعة!
لذلك أرى أن هذه الظاهرة يجب أن تكون محل دراسة اجتماعية، ورصد لرؤاهم والقضايا التي ثبت تورطهم والنجاحات التي حققوها، ورصد احصائي لتخصصاتهم.. وكيفية الاستفادة منهم.
__________
نشر المقال
في صحيفة القبس
٢٥ ابريل ٢٠٢١
صالح الغازي
تعليقات
إرسال تعليق