نجم افتراضي مقال صالح الغازي
النموذج المعتاد، ان يكون انسان متميز في مجال وله متابعوه ومحبوه، ثم يمتد تأثيره خارج المجال أو يتم توظيفه أو استغلال مساحة قبوله لتمرير رسائل أو إعلانات، مواصفاته مميزة ومبهرة، نجم في التمثيل أو في الغناء، أو مذيع أو نجم أزياء أو في الموضة، أو في الرياضة، لكن كثيرا ما نصدم بالنجوم لنجد أفكارهم فيها الكثير من الادعاء وطرقهم المحبوبة فيها التصنع، ونصدم حين نجد الزيف أكثر من الحقيقة، والبعد عن القيم أكثر من الاقتراب منها، ونصدم أكثر حين ينطق أحدهم برأي أو فكرة فيها عنصرية..
كما نصدم حين نجد النجم لا تعنيه المسائل الوطنية ولا القيمية، كأنه دمية في يد ممولة!
وكثيرا ما يأفل النجوم فنصاب بصدمات!
وقد يطلب النجم مزايا أكثر فيثقل منتجه بزيادة راتب، أو يتورط في حدث يقضي على نجوميته كأن يدمن مثلا، وقد يمرض طبعا، لكن ما الحال اذا ظهر نجم لا يتغيب، لا يمرض، لا ينقل المرض، يتم تصنيعه طبق مواصفات محددة، لا يطلب زيادة، لا يتذمر ولا يغضب، غير مطلوب منه أن يجامل أو ينافق، سيؤدي مهماته دون خطأ، لن يتعذب من فراق، لن يستهلك.
أتوقع أنه امر جائز جدا، أن يخرج للعالم نجم افتراضي، أتوقع أن يحبه الاطفال والعديد من الشباب.
سمعنا أثناء جائحة كورونا العام الماضي أن هناك روبوتا يساعد على رعاية المرضى في الصين وفي بعض الدول الآسيوية، أتوقع أنه سيخرج علينا نجم افتراضي معتبر، انسان آلي على درجة عالية من البرمجة، قدرته على المحاكاة فائقة وملقن بكل لوغاريتمات الذكاء الصناعي، لن تكون هذه المرة مهمته البحث عن الألغام أو التخلص من النفايات المشعة، أو أعمال صناعية دقيقة أو شاقة، لن يكون كطائرة من دون طيار أو سيارة ذاتية القيادة، ولن يكون مجرد روبوت بسيط يؤدي عملا محددا، إنما أتصور أنه ستكون مهمته أن يأسر العقول، وسيكون موجها من شركات وفرق عمل وهناك أهداف محددة مطلوبة منه ليروج لأفكار أو شركات أو سياسات.
فالتأخر المذهل الذي بات ملحوظا في سلوك البشر وضعف الإبداع والتقليد واعادة انتاج افكار سابقة، يقابله تطور مذهل في تطبيقات الذكاء الصناعي وعلم الروبوتيك، وهو تقاطع لأربعة علوم أساسية: الرياضيات والهندسة الميكانيكية والمعلوماتية والعلوم.
من المتوقع أن يكبر استخدام الروبوتات في حياتنا اليومية وفي الصناعة، فمجال البحث مستمر في مجال السشيوروبوتيك لدراسة الآثار والتعقيدات والتصميم المتعاقب للسلوكيات الاصطناعية الاجتماعية، والمكانية، والثقافية واللمسية وبروتوكولات وتفاعلات الروبوتات مع بعضها ومع البشر على حد سواء، بما في ذلك البيئات الصناعية والتجارية والمحلية والرعاية الصحية.
هل فعلا سنشهد تأثيرا واسعا وملموسا بيننا لنجم افتراضي نظيف لا يعاني ولا يلوث البيئة ولا يغضب؟
أشعر أن هذا النجم ينمو بيننا الآن.
مقال صالح الغازي
اليوم ١١ ابريل ٢٠٢١
في صحيفة القبس
#صالح_الغازي
#صحيفة_القبس
#روبوتيك
تعليقات
إرسال تعليق