من شباك الباص مقال /قوة الفكرة :صالح الغازي في صحيفة القبس
اليوم ٥ ديسمبر ٢٠١٨
صحيفة القبس
مقال صالح الغازي
تتكوّن، ثم تظهر هويتك المميزة، وبعدها تنضج، وتصل الى قمة الحيوية، ثم يأتي الهبوط التدريجي للقدرات، ثم الشيخوخة بتفاصيل الضعف حتى المرحلة الأخيرة، وهي الفناء.
ينطبق ذلك على الانسان بشكل واضح في مراحل حياته ونفس المراحل تمر بها الحيوانات والنباتات.
لكن هل حياة كل ما في الكون تتشابه فيها هذه المراحل كسلسلة موحدة من تكوين، ثم نضج، وقمة الحيوية، ثم هبوط وضعف، ثم فناء؟
هل يشمل ذلك الظواهر الطبيعية؟
هل هذه الدورة تجمع كل الكائنات الحية والجماد في حياتنا؟
• هذه الدورة تحفظ الحياة كلها من الجمود والتسلّط والتخلّف وتضفي التجدّد والتغيّر.
• نجد الزمن كفيلاً بالتغيير ــــ هكذا يقال في الأمثال الموروثة ــــ نعم، هذه الدورة تعطي للحياة الاستمرارية والتجدد، والتراكم يعطي للعقل الفهم الأعمق.
ونجد معارف كثيرة لا ندركها إلا بالتجربة، التي قد تكون مرتبطة أو مصاحبة بتقادم العمر، فالأشياء موجودة ولكنّك كنت أصغر من أن تراها.
ويقول جون ستيوارت: يولد العقل كصفحة بيضاء، تأتي التجربة لتنقش عليها ما تشاء. وبالتالي، فما يمكن أن أسميه بدورة أو مراحل النمو تراكمية ومرتبطة بما قبلها كنتيجة ومؤثرة في ما بعدها، وأشدد على المثل المعروف «من جار على صباه جارت عليه شيخوخته».
فالمرحلة التالية هي نتيجة للمرحلة الحالية، والعلم الحديث لعب دورا متطورا، سواء في تطويل مدة مراحل النضج بالتعديلات الوراثية التي عمل عليها على النباتات والحيوانات والانسان أو بالعمليات التجميلية التي أخفت بعض علامات الضعف أو الشيخوخة، كما أنه بتطوّر الأدوية والعمليات الجراحية زادت من مرحلة أو قللت من خطر، وجاء التأثير جيدا ومعقولا، لكن لم يغيّر في هذه المراحل انما كل عمله في نفس الإطار.
• وأخيراً، هل المؤسسات والشركات تمر بهذه السنة الكونية، كذلك الحضارات هل تتكون ثم تنضج ثم تضعف ثم تفنى؟
• الكثير من الخبراء في مجال التطوير الاداري والاستراتيجي يعملون على تطوير الشركات لتصل الى قمة التقدم والعطاء والفاعلية، وحينما تصل الى القمة هم جاهزون بقمة جديدة لها آليات وأهداف وأفكار مفيدة لجميع من حولهم وجذابة.. الخ. وهذه القمة الجديدة تتجنّب مرحلة الفناء ــــ وهذا يحدث في البحث والتفكير العلمي ــــ فكلما وصلت الى قمة جاءت مرحلة الاعداد لقمة أخرى، تستطيع بها القفز الى بداية أخرى تضمن الاستمرار والتطور، فيها سهولة تسليم الأجيال لبعضها بهدف جديد وانجاز جديد، ونرى شركات طالت أعمارها لكل من الجيل الثاني والثالث، والرابع.
كما أن قبيلة العلماء أنجزت أبحاثا علمية تطورت بشكل كبير عبر القرون الفائتة وقدمت الانجاز والتطور الذي ما زال في عطاء مستمر في كل العلوم.
كذلك، قبائل من المبدعين والكتّاب تنتقل من قمة إلى قمة بوعي وفهم وتطور عبر اللغات واللهجات والأساليب والمضامين لتنتج أفقا انسانيا خاصا في عمق الوجود.
المقال على الرابط
في #صحيفة_القبس الكويتية
#صالح_الغازي
#قوة_الفكرة
تعليقات
إرسال تعليق