«اغتراب نحو الوطن» .. احتفاء بمسيرة السفير الراحل عبدالمحسن الهارون وتدشين مذكراته

أقامت مكتبة «ذات السلاسل» حفل توقيع لكتاب «اغتراب نحو الوطن: مذكرات السفير عبد المحسن سالم الهارون»، بحضور نخبة من الشخصيات الدبلوماسية والاجتماعية والثقافية. وشهد الحفل ندوة خاصة صاحبت التوقيع، شارك فيها كل من نجل السفير الراحل الدكتور يوسف الهارون، ونائب وزير الخارجية السابق السفير مجدي الظفيري، فيما أدار الندوة الكاتب والروائي صالح الغازي. وتناول المتحدثون في الندوة الجوانب الإنسانية والمهنية من مسيرة السفير الراحل، مؤكدين أهمية توثيق التجارب الدبلوماسية ونقلها للأجيال الجديدة كنماذج تحتذى في الوطنية والعطاء. وحضر حفل التوقيع عدد من السفراء، من بينهم السفير عبدالرحمن العتيبي، والسفير محمد زبن اللميع، إضافة إلى نخبة من الأكاديميين مثل الدكتور عبدالله الشيخ، والدكتور بدر البدر، وعبد اللطيف البعيجان، إلى جانب حضور لافت من المثقفين والشخصيات الاجتماعية.


تجربة الغربة



في البداية، قال الغازي «هذا اللقاء هو تقدير ووفاء للسفير عبدالمحسن الهارون وتدشين مذكراته التي قصد أن يوثقها للتاريخ، فعنوان الكتاب بليغ يؤكد أن تجربة الغربة رغم قسوتها أفاد بها وطنه الكويت، وأيضا العنوان يختصر حياته العملية الايجابية المثمرة، فهو لم يغادر الكويت إنما كانت بداخله دائما، أخذها معه ومثلها فبعد ثلاثة أشهر فقط من تخرجه يلتحق بالبعثة الدبلوماسية في طوكيو ليبدأ مشواره الدبلوماسي في العديد من البلدان». وأضاف الغازي أن الكتاب هو سيرة ذاتية قصد أن يسجلها للأجيال القادمة، ومسيرة طويلة شهد بعين المراقب والمؤثر تحولات سياسية هائلة.


سيرة مهنية وإنسانية


من جانبه، أكد د. الهارون خلال ندوة توقيع كتاب «اغتراب نحو الوطن: مذكرات السفير عبد المحسن سالم الهارون»، أن هذا الإصدار يوثق السيرة المهنية والإنسانية لوالده الراحل، الذي شغل مناصب دبلوماسية رفيعة ومنها كسفير في سلطنة عُمان، والمملكة المغربية، ومملكة البحرين، واليابان، قبل أن يختتم مشواره مساعدا لوزير الخارجية لشؤون آسيا في دولة الكويت. وأشار الهارون إلى أن والده الراحل شرع في كتابة مذكراته بنفسه، وبعد وفاته قامت الأسرة بجمعها وتوثيقها ودعمتها بالصور، في عمل استغرق إنجازه أكثر من خمس سنوات. وأوضح أن الكتاب يتميز بتسلسل دقيق في سرد الأحداث والمعلومات، معلقا «استخلص الوالد من كل تلك التجارب دروسا قيمة، جديرة بالقراءة والتدبر، وبنى على أساس منها توقعاته للمستقبل، التي شهدت السنوات القلائل الماضية على صدقها ودقتها حيث تحقق منها الكثير».


وقد تولى هو شخصياً مهمة تحريره. وعبر الهارون عن امتنانه لمكتبة «ذات السلاسل» على دعمها لنشر هذا العمل، مؤكداً أن الهدف من الكتاب هو تقديم مادة توثيقية نافعة للسفراء الجدد، والمهتمين بالشأن الدبلوماسي والسياسي، متمنياً أن يكون الكتاب مرجعاً يُستفاد منه في فهم تجارب العمل الدبلوماسي الكويتي. وتابع د. الهارون «باسم عائلتنا، أود أن أعرب عن امتناننا لوالدنا الغالي، فلقد علمنا المعنى الحقيقي للنزاهة والأخلاق العالية والعمل في إخلاص وجد من أجل الكويت الحبيبة التي قدمت لنا الكثير، ندعو الله له دائما بالرحمة، ونسأل العلي الجليل أن يكتب له أجر العلم النافع والثواب الجزيل». اختتم د.الهارون كلمته بترديد دعاء كان يردّده والده الراحل السفير عبد المحسن الهارون، قائلاً «اللهم إني اسألك ايماناً لا يرتد ونعيما لا ينفد وقرة عين لا تنقطع ومرافقة نبيك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في اعلى جنات الخلد».


عمق علاقة الأب وأبنائه


وبدوره أشاد نائب وزير الخارجية السابق السفير مجدي الظفيري، باللفتة الكريمة التي قدمها أبناء السفير الراحل عبد المحسن الهارون من خلال توثيق مسيرته الدبلوماسية في كتاب، واصفًا هذه المبادرة بأنها تجسيدٌ جميل للوفاء، وتعبير صادق عن عمق العلاقة بين الأب وأبنائه. وقال الظفيري انه تزامل مع السفير الراحل الهارون وتعامل معه عن قرب، لافتا الى أنه يفخر كثيرًا بهذه المبادرة التي تعبر عن تقدير الأبناء لوالدهم، رغم سنوات اغتراب عن الوطن والعيش في ثقافات مختلفة، إلا أن الراحل استطاع أن يجسد في كل أبنائه «الابن البار» والشخصية الكويتية التي استطاع أن يحميها من أي اغتراب ثقافي أو ديني أو وطني، وهو ما يُحسب له. وأضاف الظفيري أنه مع كل سفير مر بتجارب متنوعة أن يسجلها للتاريخ الدبلوماسي بحلوها ومرها وبجمالها ومآسيها لما تمثله من قيمة في إثراء التاريخ الدبلوماسي الكويتي، خاصة أن الجيلين الثاني والثالث من السفراء عايشوا العديد من التجارب سواء بالحروب الإقليمية، أو مأساة الغزو التي مرت على دولة الكويت من النظام العراقي السابق والتي كانت نقطة تحول سياسي في الفكر الدبلوماسي الكويتي انعكست على جميع الدبلوماسيين وأطرت بفصل جديد في منظور الكويت السياسي والدبلوماسي والاستراتيجي. من جانب آخر، قال الظفيري انه أطلع على الكتاب معلقا «اعتقد أن العنوان يعكس بقوة ما عبر عنه الراحل السفير عبد المحسن، ويشكل جزءا بسيطا من معاناة الدبلوماسي الكويتي في الخارج، فالاغتراب عن الوطن شيء غير عادي وشيء غير بسيط، لكن كيف نستطيع أن نكيف هذا الوضع حيث جسده السفير الهارون بوضوح وبقصة نجاح من حيث التوازن بين العمل في الخارج والمحافظة على الثوابت والاصالة الكويتية». وختم قوله «الكتاب ممتع ويستحق القراءة».


تقدير وتكريم


وعلى هامش الحفل، قال السفير علي أحمد الظفيري أن الحضور اليوم جاء تقديرًا وتكريمًا لمسيرة السفير الراحل عبد المحسن الهارون، رحمه الله، وما قدّمه من عطاء ممتد على مدار سنوات طويلة في العمل الدبلوماسي بوزارة الخارجية. وأشار إلى أهمية توثيق هذه المسيرة في كتاب «اغتراب نحو الوطن» الذي تناول حياة وتجربة السفير الهارون، يمثل مرجعًا مهمًا يستفاد منه سواء منهم كسفراء تزامنا ولو بمراحل متأخرة جدا مع السفير الراحل الهارون، أو الأجيال الجديدة والناشئة في وزارة الخارجية. وأوضح الظفيري أن لكل تجربة دبلوماسية أبعادها وخصوصيتها، ومن المهم الاستفادة من كافة تجارب سفراء الكويت في الخارج، لاسيما في الفترات المفصلية مثل فترة الغزو العراقي الغاشم، حيث كان السفير الهارون آنذاك يمثل الكويت سفيرًا لدى المملكة المغربية، وقدم تجربة ثرية مليئة بالتفاصيل والدروس المهمة. وختم السفير الظفيري بالقول: «وجودنا اليوم هو تعبير عن الشكر والامتنان والتقدير للسفير الراحل عبد المحسن الهارون، لما قدمه من إخلاص وتفان في خدمة وطنه».


الأصل من صحيفة القبس 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل صالح الغازي Saleh Elghazy

غربلة| صالح الغازي يكتب: اقرأ يا شيخ قفاعة

مقال فى رواية ( بار أم الخير) للروائي محمد داود

بروفايل صالح الغازي

بروفايل صالح الغازي

أم الطرمان تعرف لغة عيالها

فريد ابو سعدة "مصوراتي لا يكف عن الكلام"

أنتمي لإبداعي ..شهادة الشاعر صالح الغازي في الكتابة والشعر

ريم المحمودي في لقاء عن أحدث ابداعاتها (بعض مني)

الفنانة المصرية دنيا مسعود