هدية عيد الأم مقال صالح الغازي صحيفة القبس

الفراشات كأنها زهور تطير، متألقة بألوان زاهية وأشكال هندسية غاية في الجمال، لها رفرفات سريعة ودقيقة، تنتشر في الجو ذهابا وارتفاعا بسرعة ونشاط وكأنها تتسابق. كأنها برقتها ظهرت لتتصدى لفصل الشتاء الذي يغادر بتثاقل بعد الأعاصير والرياح والعواصف، تفرز خلاياها صبغات لونية بديعة مدهشة لتحفز فصل الربيع ليحل. من فرط جمالها اعتبرت بعض الحضارات القديمة أنه عندما يموت الانسان تغادر روحه على هيئة فراشة، أبدا لا يمكن اعتبار الفراشات حشرة ضارة فهي لطيفة، لا تقرص ولا تلدغ ولا تمتلك الفراشات سما، انها تحب ضوء الشمس. الفراشات تملأ الأجواء في نفس توقيت الاحتفال بعيد الأم، فهل هي طريقة احتفال الطبيعة بعيد الأم؟ فترسل لنا الفراشات بحبوب اللقاح بين النباتات المختلفة لتساعد الخضروات والفواكه والزهور على انتاج زهور جديدة. طبعا ليس هناك مثيل لدور الأم، ولا يمكن ايجاز دورها العظيم في كلمات مهما كانت معبرة، واذا كانت الطبيعة قد أطلقت فراشاتها للاحتفال بعيد الأم فما الذي يمكن أن يقدمه انسان، أو يفعله أو يقوله؟ حينما نفكر في هدايا عيد الأم، سواء ما قدمناه في السابق أو ما يحتمل أن نقدمه أو ما سمعنا من أصحابنا أنهم قدموه، فبالتأكيد لن يُعطى لها جزء من حقها، لكن لاحظوا معي الهدايا: أدوات المطبخ مثل مفرمة أو خلاط أو فرن ثم نستعملها معها ويكون أول من يستفيد بها نحن! وقد نهدي إليها أدوات شخصية مثل حقيبة يد أو حذاء أو شال أو ساعة، وكلما نراها نقول لها أين الساعة الهدية؟! وحينما نخرج معها نغضب لأنها لم تحمل الحقيبة الهدية! وقد تكون الهدية رمزية مثل وردة أو رسمة أو خطاب به بعض الكلمات التي تعبر عن مشاعرنا. حتما كلها هدايا تقدرها الأم بقلبها الكبير، قلبها الذي يبث فينا الحياة، فهي بالفعل حجر الزاوية في بناء أسرة المستقبل، وهي المكتشف الأول لقدرات أبنائها، ويكاد يكون مستقبلنا كله رهن توجيه من أمنا، فهذا يقول قبلة من أمّي جعلت منّي فناناً! ويقول أبو العلاء المعرّي: العَيْـشُ مَاضٍ فَأَكْـرِمْ وَالِدَيْـكَ بِـهِ والأُمُّ أَوْلَـى بِـإِكْـرَامٍ وَإِحْـسَـانِ وَحَسْبُهَا الحَمْـلُ وَالإِرْضَـاعُ تُدْمِنُـهُ أَمْـرَانِ بِالفَضْـلِ نَـالاَ كُلَّ إِنْسَـانِ رعايتنا لأمهاتنا وتقديرهن وشكرهن واجب في كل وقت وكل لحظة، ولا يقتصر على يوم محدد. فما قدمته لنا كان بفطرتها وبكل مشاعرها وحتما لن نعطيها ما تستحق من باب رد الجميل. كل عام وكل أم بخير وسلامة وصحة وعطاء.

--------
هدية عيد الأم
مقال صالح الغازي
صحيفة القبس




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بروفايل صالح الغازي Saleh Elghazy

غربلة| صالح الغازي يكتب: اقرأ يا شيخ قفاعة

مقال فى رواية ( بار أم الخير) للروائي محمد داود

بروفايل صالح الغازي

بروفايل صالح الغازي

أم الطرمان تعرف لغة عيالها

فريد ابو سعدة "مصوراتي لا يكف عن الكلام"

أنتمي لإبداعي ..شهادة الشاعر صالح الغازي في الكتابة والشعر

ريم المحمودي في لقاء عن أحدث ابداعاتها (بعض مني)

الفنانة المصرية دنيا مسعود