"دعهم يتحدثون" Let them all talk
المؤلف والناشر والأصدقاء وطريقة الكتابة، هي موضوعات يدور حولها الفيلم الأميركي Let them all talk إنتاج 2020، ميريل ستريب (1949) في دور (أليس هيوز) تجسد رهافة الكاتب وعمق شخصيته، فهي حين تكتب تحاول اعادة حبس العطر في زجاجة، وتحاول (كارين) وكيلة دار النشر التقرب اليها، ومصادفة تعلم بدعوتها لأخذ جائزة للرواية في لندن، لكن ادارة الجائزة تشترط حضورها وهي لا يمكنها السفر بالطائرة، وتتحمس كارين وتقترح ترتيب السفر بعابرة المحيطات (كوين ماري 2) كجزء من الدعاية لروايتها الجديدة، حيث تعد جزءا ثانيا من السابقة، فتوافق الكاتبة وتطلب أن تصطحب عددا من الأصدقاء. الأحداث على السفينة مشاهد طبيعية حيوية، حيث الشمس ورذاذ مياه المحيط والاضاءة المبهرة، مشاهد مغلفة بموسيقى كلاسيكية بديعة، تصطحب معها كانديس بيرغن (1946) في دور روبرتا، تعمل بائعة في احد المحال وتعاني مشكلات مادية. وديان ويست (1949) في دور سوزان رهيفة الحس المحامية، وهي من سياتل تدافع عن ضحايا العنف المنزلي، إلى جانب ابن أخيها (تايلر) وهو طالب من كليفلاند لينظم شؤونها وهو مبهور بشخصيته. تتكشف لنا علاقتهم ببعض، وتبقى مشاهد الممثلات الثلاث الكبيرات كأنهن يقدمن درسا في فن الأداء ببساطة ورهافة وعمق آسر، وثلاثتهن حزن أرفع الجوائز العالمية في التمثيل. ويطرح الفيلم رؤى التأليف مثلا: تعلن اليس في لقاء مع الجمهور على متن السفينة عن رؤيتها في الكتابة أنها «نوع من التواصل الروحي» فهي تدقق وتعيد وتستغرق سنوات. وعلى النقيض، يتقابلون مع أحد مشاهير كتابة الألغاز البوليسية الرجل اللطيف المجامل (كيلفن كرانز) ويشرح آليته في الكتابة (يعمل ملخصا ثم يكتب القصة في شهرين) ليتسلم الناشر منه كل شهرين قصة، وتستغرب منه وتسخر. والفيلم يتناول أخلاق المهنة، سواء النشر أو التأليف، فوكيلة النشر تراقب المؤلفة من بعيد كي لا تزعجها، بينما روبرتا تتهمها باقتباس حياتها وتطلب حقها، حتى انها تسرق مسودة الرواية في النهاية وتحاول بيعها للناشرين بعد رحيلها، لكن يعتذر الناشر لأن المؤلفة لم تعتمدها للنشر. تحاول أليس مصالحة ماضيها والمقربين، لكن الدراما قاسية في ردة فعلهم. الفيلم إيقاعه أقرب لشخصية الكاتبة المتأملة وفكرها، وخط سير العلاقات تكشفه مواقف ساخرة، والاثارة الدرامية محدودة تعتمد على الغموض. هناك نقاط غير موفقة في رأيي، مثلا لقاء الكاتبة على متن السفينة بالجمهور في منتصف الفيلم، كأنه حدث دخيل على سير الأحداث. وشكوك تايلر بأن الرجل الذي يزورها يوميا عشيقها، بينما يظهر مع النهاية أنه طبيبها، مفارقة أو غموض أقل من المتوقع، كما أنه لم يتم استغلال السفينة والمحيط في الدراما كما توقعت. ورغم أن النهاية صادمة لكني أعدت مشاهدته مرات.
تعليقات
إرسال تعليق