الرجل البالونة مقال صالح الغازي :القبس

المقعد الشاغر الوحيد بجوار شاب يستولي على نصفه ويضع على النصف الباقي حقيبته، استسمحته أن يحمل حقيبته فحملها بتململ، ليخلو فقط نصف المقعد لي، حاولت أن أشعره بضيقي بالتململ في جلستي، لكنه لم يستجب ونفخ صدره، حاولت تنبيهه بالتعبير المباشر عن الضيق بالنظر اليه، لكني لاحظته كأنه مستعد لمعركة اثبات وجود، فهو جلس قبلي واستولى على المساحة، ووجدت سيدة بلا مقعد فناديتها لتجلس مكاني، كانت عجوزا، شعرها أبيض وتمسك في يدها كتابا، أشاحت له فانزوى كقنفذ في ركن مقعده ووقفت أنا بجوارها بعدما أدهشني بهذا الفراغ، وقدرته على أن يطبق نفسه مثل بالونة تم تفريغها من الهواء. رنّ جواله فسمعت صوته رفيعا ويتحدث باستجداء غريب كأنه يتذلل لشخص ما، ولم أعط لنفسي فرصة تتبعه، خاصة أن مقعدين للتو فرغا فجلست على احدهما، وجلست الى جواري فتاة، ورحت أتابع العمارات الجميلة في الشارع والحديقة الواسعة. وفجأة لاحظت الراكب البالونة يشير الى الفتاة المجاورة لي أن يتبادلا المقاعد، وفي اشارته لها معنى مفهوم أن يجلس الذكر الى جوار الذكر والانثى مع مثيلتها، هذا هو المفهوم الذي أثار استغرابي فهل هذا التفكير ينم عن عقلية مهووسة؟ أ...