غربلة| صالح الغازي يكتب: اقرأ يا شيخ قفاعة

تلك الأغنية الخالدة في ذاكرة التاريخ، لم يكن سرها فقط عبقرية لحن وصوت سيد درويش إنما سرها الأعمق في وعي ثاقب لكاتب الأغنية (بديع خيري) حين يتوقف بنا عند لحظة تاريخية فاصلة وهي إعلان الاحتلال انتهاء الحرب العالمية الأولى وبالتالي رصد تغير الأحوال للأفضل . تناول الشاعر الحوار بين الفقهاء ليكشف تصورهم وطريقة تفكيرهم وآمالهم لأنفسهم ولبلادهم في هذا الواقع الجديد. الفقهاء هنا هم الفئة الوحيدة المتعلمة المثقفة من المصريين في بداية القرن الماضي حيث انتقلوا من ظلام الجهل إلى نور العلم والمعرفة ويميزهم الشاعر بخلطهم الألفاظ الفصيحة والأجنبية ليبين لنا ما تميزوا به من تقعر وسطحية ظهر في نطقهم (قساتذه –فينيشن – نرقع- قبدا – قلمظية ...الخ) وبمقارنة بسيطة واحلال بسيط للكلمات والألفاظ لن يختلف ذلك كثيرا عن الوضع الحالي ! وانتقل لطريقة التعبير (وأنا أبقى أحلق ذقني إن ماكنتش ترقص) فالرهان هنا على حلق الذقن رمز الفقهنة /الثقافة ، اذا لم يرقص وكأنه سيفقد الوعي من شدة الفرح فيتخلى عن ميزة الوقار المصطنعة التي رسمها ! ويرصد الشاعر بديع خيري تغير الحال بعد انتهاء الحرب والذي يبين عمق أحلام وطم...