أزمة صناعة النشر العالمية مقال : صالح الغازي

 

أزمة صناعة النشر العالمية (1 - 2)
___
أصدر الاتحاد الدولي للناشرين مطلع 2021، تقريراً فريداً من نوعه، عنوانه «من جهود التصدي للجائحة، إلى التعافي منها» في 52 صفحة، ويتناول تأثير جائحة «كوفيد - 19» في صناعة النشر العالمية، يشير إلى الجهود ويفكك التحديات ويكشف حقائق ويعرف بالمشكلة. تنبع أهمية هذا التقرير من أنه يعكس الواقع، وأنه محفز لبذل دور أكبر لتنشيط الثقافة، ويقترح حلولاً أوسع لأزمة النشر، لذلك أقدم مقاربة مع بعض معلوماته وإضاءة على ما تيسر من محتوياته:
بني التقرير على استطلاع رأي 33 مشاركاً يمثلون مراكز تحقق 90 مليار دولار أميركي، أي 70 في المئة من حجم سوق النشر العالمي، بما يعني أن صناعة النشر عالمياً تمثل في حدود 130 مليار دولار.
ويذكر التقرير أن هناك دولاً بعينها وجهت خططا وجهودا حكومية على مستويات «الاقتصاد والثقافة وقطاع النشر»، والدول التي عملت في الاتجاهات الثلاثة مجتمعة هي: كندا والصين ومصر وفرنسا وألمانيا وأندونيسيا وإيطاليا والمغرب ونيوزلندا وتايلند والإمارات والمملكة المتحدة.
كما أن هناك اتحادات للناشرين تلقت «منحاً وإعانات أجور وإعفاء ضريبياً». والملاحظ أنه لم يجمع اتحاد بين المساعدات الثلاث لكن اتحاد الناشرين الكنديين جمع بين المنحة وإعانة الأجور، واتحاد الناشرين المصريين حصل على منحة فقط، بينما الاتحادات التي حصلت على إعانات الأجور للعاملين في المجال هي الأرجنتين وأستراليا وإنكلترا.
وحصلت اتحادات الناشرين في كينيا وتركيا على إعفاءات ضريبية.
وعن تأثير مبيعات النشر على البلدان فكانت نسباً كارثية في فرنسا وألمانيا ومصر وجنوب أفريقيا وبعضها أظهر نتائج مبشرة مع بوادر التعافي.
لكن الغريب «أن اليابان، حسب التقرير، لم يتأثر قطاع النشر فيها بالجائحة، ولم يتم توفير تفصيل لهذه الحالة الفريدة (إن صحت)».
أمّا عن سمات الأسواق التي يصعب عليها التعافي فكانت كالتالي: أنها تعتمد على المبيعات المؤسسية، ولا تعتمد على النشر الرقمي، وتعتمد في مبيعاتها على المعارض الدولية، وأسواقها وقعت فريسة الاستهلاك في ألعاب الفيديو والتواصل الاجتماعي ولا تشجع القراءة.
ومن خلال سمات الأسواق التي يصعب عليها التعافي يمكننا توقع الأسواق التي يمكنها التعافي السريع كالتالي: تعتمد على مراكز بيع متنوعة وتعتمد على النشر الرقمي بشكل واسع وحكوماتها تعظم دور الكتاب كمصدر للثقافة.
أمّا نوعية الكتب التي زادت مبيعاتها أثناء الجائحة فكانت: كتب الأطفال والكتب التعليمية والرقمية، خصوصاً في مصر وأستراليا والبرازيل وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وساحل العاج وجورجيا واليابان وأسبانيا.
وهناك إجماع أن الفرصة الكبيرة أثناء الجائحة كان للتحول الرقمي، سواء في النشر أو البيع، والمتوقع استمرار ذلك لكن القرصنة هي الجانب السلبي.
وأعتقد أن دور الاتحادات الواقعي القيام بدورات وورش لتطوير التحول الرقمي وتسويق الوسائط بطريقة منهجية منظمة.
لقد دفعت التحديات للتطوير والابتكار فقام اتحاد الناشرين التربويين في الفلبين بتنظيم أسواق الكترونية محلية، كما طور اتحاد الناشرين الأندونيسي سوقاً إلكترونياً لبيع الكتب، وقامت اتحادات الناشرين مثلاً في كندا ونيجيريا بندوات وتدريبات عن التحول الرقمي. والهند تعاونت مع دار النشر التابعة لوزارة التعليم في مبادرة لتقديم 100 كتاب مجاني، وخصصت الحكومة الألمانية لقطاعات النشر والثقافة والإبداع برنامج مساعدات بـ 54 مليار دولار أميركي، كما حصلت ألمانيا على 20 مليون يورو من برنامج Neustart_kultur# و10 ملايين يورو لبائعي الكتب ودعم مليون يورو لمعرض فرانكفورت في سبتمبر. في سويسرا أسست رابطة الناشرين باللغة الألمانية صندوقاً قيمته 875 ألف دولار أميركي لدعم الناشرين. وفي الولايات المتحدة الأميركية، حصلت على ملياري دولار أميركي للمكتبات العامة.
في بلجيكا رابطة الناشرين الفلمنكية ضغطت على الحكومة لإنشاء صندوق مساعدة بقيمة 500 مليون يورو، واتحاد الناشرين البرازيلي نجح في الضغط على الحكومة لتمديد سداد الضرائب وتأجيل سداد القروض، واتحاد الناشرين في جورجيا ولأول مرة منذ 7 سنوات تم منح 17 دار نشر عقود طبع كتب مدرسية لتحفيز القطاع.
اتحاد الناشرين في الإمارات، أنشأ صندوقاً بقيمة 2730000 دولار أميركي وتوزعت المبالغ على الناشرين المتضررين من إلغاء المعارض. وعن التعاون بين مكونات القطاع في مواجهة الأزمة، أعدت وزارة الثقافة الإماراتية برنامجاً وطنياً لدعم المبدعين وقدم لـ 50 مبدعاً و37 شركة منحاً تتراوح بين 1500 و50000 درهم إماراتي.
ومن أجل زيادة الطلب بين مكونات القطاع، حصل اتحاد الناشرين المصريين على منحة جزء من ميزانية المكتبات التابعة لوزارة الثقافة (الهيئة العامة لقصور الثقافة) لشراء من الأعضاء، بالإضافة إلى عمل برنامج قروض للناشرين.
-----------------
نشر في صحيفة القبس
٢ مايو ٢٠٢١

المقال كامل على الرابط


----------------------------------------------------------------------------------------------

 أزمة صناعة النشر العالمية (2 - 2)

_______
متابعة للمقاربة مع تقرير الاتحاد الدولي للناشرين عن التصدي للجائحة، عرض الاتحاد الدولي أيضاً جهوده خلال الأزمة ومنها: وفر منصة لتبادل المعلومات وتوحيد الجهود وسلط الضوء على قيمة القراءة بالشراكة مع اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية لتشجيع الأطفال على القراءة أثناء العزل من خلال مبادرة #Readtheworld
ودعم التحالف العالمي للتعليم باليونسكو بشأن أهداف التنمية المستدامة، ودعم دعوات الأعضاء للضغط على الحكومات لتحفيز النشر، حيث تمكن 11 سوقاً من الأسواق الـ31 المشاركة في التقرير من الضغط على حكوماتها والحصول على برامج تحفيزية للنشر، ووفر التدريب عن بعد مثلاً في مواجهة تحديات التعليم في أفريقيا وإطلاق صندوق ابتكار أفريقيا للنشر
ولتعزيز التعاون بين الناشر والمعلم وأمناء المكتبات الانضمام إلى تحالف #Learningneverstop
وقام بدعوة الناشرين للاعتماد على التكنولوجيا الرقمية للتكيف مع تحديات التوزيع الناشئة في معرض نيجيريا الافتراضي.
وإجمالاً نستفيد من التقرير بضرورة توحيد الجهات المعنية لإنشاء خريطة طريق لتعافي صناعة النشر وتقوية وتشكيل التحالفات والشراكات للاستفادة من روح التضامن التي نتجت عن الأزمة واستيعاب واقع التحول الرقمي، وفي خطوة عملية في تقديري يحدد التقرير مجموعة العمل أو الجهات المحددة لإنشاء خريطة طويلة المدى لمستقبل صناعة النشر وهي: «المؤلفون والرسامون وتجار بيع الكتب والطباعة والورق والموزعون والمكتبات ورواد الأسواق الرقمية وبدائل القراءة والمؤسسات التعليمية وموفرو الإحصاءات ومنظمات دعم القراءة وحقوق النشر ومعارض الكتب وجهات النشر الأكاديمية ومنظمات معايير النشر».
وفي النهاية أشير إلى إحصاء مهم ورد بالتقرير يكشف لنا حجماً واقعياً لأسواق النشر وعدد القراء على اعتبار أنهم الملمين بالقراءة استناداً إلى إحصاءات اليونسكو.
حجم سوق ألمانيا 10.500 مليارات دولار وعدد القراء 53 مليون قارئ.
والهند حجم السوق 6.700 مليارات دولار وعدد القراء 677 مليون قارئ.
وكوريا الجنوبية 4.9 مليارات دولار وعدد القراء 36 مليون قارئ.
مع ملاحظة أن الإحصاء ذكر في خطأ مطبعي أن دولة في شرقي آسيا حجم سوقها 14.900 مليار دولار وعدد القراء 957 مليون قارئ، وأعتقد أنها الصين؛ لأن الخطأ المطبعي أنها سجلت باسم مصر.
بينما الدول العربية المذكورة في التقرير أربع هي: مصر وحجم السوق 189 مليون دولار وعدد القراء 43 مليون قارئ.
والإمارات 281 مليون دولار وعدد القراء 7.6 ملايين قارئ.
والمغرب 100 مليون دولار أميركي وعدد القراء 17 مليون قارئ.
وأخيراً أرى أن حصر جهود الناشرين والحكومات للنهوض بالنشر مفيد للتعرف على هذه التجارب والاستفادة منها، والوعي بأن هناك دعماً واجباً من الحكومات لهذه الصناعة، كي لا نكون في جزر منعزلة، كما أن الإحصاءات والتعريفات مفيدة لفهم طبيعة الأزمة.

نشر في صحيفة القبس الكويتية
9 مايو2021

المقال كامل على الرابط

__

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

غربلة| صالح الغازي يكتب: اقرأ يا شيخ قفاعة

بروفايل صالح الغازي Saleh Elghazy

أم الطرمان تعرف لغة عيالها

مقال فى رواية ( بار أم الخير) للروائي محمد داود

بروفايل صالح الغازي

بروفايل صالح الغازي

فريد ابو سعدة "مصوراتي لا يكف عن الكلام"

أنتمي لإبداعي ..شهادة الشاعر صالح الغازي في الكتابة والشعر

ريم المحمودي في لقاء عن أحدث ابداعاتها (بعض مني)

عن رواية الباص